على مدار الأشهر العشرة الماضية، شهدنا معاناة لا يمكن أن يتصورها عقل. حيث تعجز الكلمات عن وصف المشاهد والواقع والمعاناة التي نراها أمام أعيننا.
اليوم، ونحن نحتفي باليوم العالمي للعمل الإنساني، تثقل صدورنا أعباء هذه المآسي.
في لبنان، لا يكتفي المدنيون بمتابعة هذه الأحداث عبر وسائل الإعلام ، بل هم يتأثرون بالنزاع القائم بشكل مباشر.
منذ أكتوبرتشرين الأول الماضي، نزح أكثر من 100 ألف شخص، بحثاً عن مأوى لهم في المجتمعات المضيفة في البلاد.
ما يزال حوالى 150 ألف شخص يعيش في مناطق وقرى تتعرض للضربات المدفعية والهجمات الجوية يومياً. الملايين يسترجعون ذكريات أليمة من حرب 2006، ويخشون من مخاطر أي تصعيد محتمل.
عام 2023 هو الأكثر دموية على الإطلاق للعاملين في المجال الإنساني، حيث قتل 280 منهم حول العالم. ومن المتوقع أن يكون هذا العام أسوأ. هنا في لبنان، قُتل 21 مسعفاً كانت مهمتهم إنقاذ الآخرين.
يُظهر الإفلات الواضح من العقاب الذي ارتكبت به هذه الأعمال تجاهلاً مقلقًا للقانون الدولي الإنساني، الذي يُعتبر الحجر الأساس لإنسانيتنا المشتركة التي تأسست قبل 75 عامًا مع إقرار اتفاقيات جنيف.
رغم هذا الوضع القاتم، أبدى العاملون في المجال الإنساني في لبنان، وخاصة زملاؤنا اللبنانيون، شجاعة والتزامًا استثنائيين. فقد قدموا المساعدة لأكثر من 200,000 شخص منذ أكتوبر الماضي، وهم يعملون بموارد شحيحة وتحت تهديد مستمر.
بينما يتخلى العالم عن المدنيين في النزاعات، ويفقد الكثيرون حول العالم الأمل بالإنسانية، يُحيي هؤلاء العاملون هذا الأمل من جديد.
شعارنا كان وسيبقى “حتى الحروب لها قواعد، المدنيون ليسوا هدفًا”. ونحن نردد ذلك هنا في لبنان، منذ ما يقارب العام.
في اليوم العالمي للعمل الإنساني، يجب على قادة العالم أن يمارسوا الضغط على أطراف النزاع لحماية العاملين في المجال الإنساني والمدنيين، ومحاسبة الذين يتسببون في إيذائهم.